الكلمة كتب:بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ قسوة القلب داءٌ له أسبابه وله دواؤه، فإذا اتَّقى المؤمن أسبابه كان ذلك نصف العلاج، ويبقى تعاطي الدواء الذي يستأصله ويشفي صاحبه منه.
** من أشدِّ أسباب قسوة القلب:
1- الاسترسال في الذنوب واقتراف المعاصي من غير توبةٍ إلى الله ولا رجوعٍ إليه، وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذا السبب بقوله عن الكفرة و الفسقة: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، يعني أنَّ ما كانوا يقترفونه من الآثام والذنوب جعل قلوبهم مطبوعًا عليها وقاسيةً لا تلين لذكر الله عزَّ وجلَّ، ولا تخشع لعبادته.
وفي الحديث: (إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلو قلبه، وهو الرَّان الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون))رواه الترمذي وقال حسنٌ صحيح.
2- الغفلة عن ذكر الله عزَّ وجلَّ، والإعراض عن الموعظة والتذكُّر والتفكُّر في خلقه وآلائه، وفي القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) يعني أنَّ الذين قست قلوبهم من غفلتهم عن ذكر الله وإعراضهم عن الموعظة ويلٌ لهم، وهذا إنذارٌ وتحذيرٌ لما ينتظرهم من عذاب الله يوم لقائه.
3- أكل الحرام؛ أي أن يكون المال الذي يعيش منه المرء مالاً مكتسبًا من طرقٍ غير شرعيَّةٍ.. كالعمل في الخمر، والربا، والقمار، والمخدرات، وغير ذلك من أصناف المحرمات.. فإذا كان المرء يتغذى على الحرام فإنَّ ذلك يكون سببًا له في قسوة قلبه، ومانعًا له من استجابة دعائه، مصداقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيُّها الرسل كلوا من الطيِّبات واعملوا صالحا)، وقال: (يا أيُّها الذين آمنوا كلوا من طيِّبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إيَّاه تعبدون)، ثمَّ ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام.. فأنَّى يُستجاب له) رواه مسلم، فهذا الحديث يبيِّن فيه عليه الصلاة والسلام أنَّ القوت الحرام يُفسد على المرء دينه، ويورثه قسوة القلب، ويحول بينه وبين استجابة دعائه، وهذا يعني أنَّ هذا المرء يكون بعيدًا عن ربِّه غير قريبٍ منه، فلا ينظر الله تعالى إليه ولا يستجيب له دعاءً.
** أمَّا دواء قسوة القلب ومعالجتها فمن أهمها:
1- الإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ، أي أن يسترسل المرء في ذكر الله في كلِّ وقتٍ وحين، وذكر الله عملٌ لا يتطلَّب من فاعله تفرُّغًا ولا تكلُّفًا ولا إعدادًا، بل يمكن للمؤمن أن يذكر الله على كلِّ أحواله، وفي كلِّ حينٍ من أحيانه، وكما قالت السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كلِّ أحيانه) رواه البخاري، فيمكن للمرء أن يذكر الله وهو في طريقه وفي عمله وفي مختلف المواقع التي يكون فيها خلال حياته اليوميَّة، لأنَّ ذكر الله عمل اللسان وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وآمركم بذكر الله كثيرًا، ومثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدوُّ سِراعًا في أثره، حتى أتى حصنًا حصينًا فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله) رواه الحاكم وقال الألباني حديثٌ صحيح.
2- قراءة القرآن؛ فإنَّه أفضل الذكر ولاسيَّما إذا كانت قراءة القرآن بتدبُّرٍ ومدارسةٍ وتأمُّلٍ في مضامينه ومعانيه، فإنَّها تنوِّر القلب، وتُفسِح الصدر، وتُذهِب ما فيه من ضيقٍ وكدرٍ، مصداقًا لقوله عزَّ وجلّ: (وشفاء لما في الصدور)، وقوله عزَّ وجلَّ: (قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء)، وأيضًا قوله تعالى: (ونُنزِّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين)، فينبغي أن يكون للمؤمن حصَّةٌ من القرآن الكريم يداوم عليها كلَّ يومٍ حسب ما يسمح به وقته وما تساعده عليه ظروفه، من جزءٍ في اليوم أو جزأين، حتى لا ينقطع عن كتاب الله عزَّ وجلَّ ويكون دائم الصلة به، ومناجاته سبحانه.
3- الاستماع للموعظة، وهو أشدُّ تأثيرًا في القلب من قراءة الكتب، فالاستماع له أثره في القلب ووقعه على النفس، فلذلك ينبغي للمؤمن أن يجلس مع الصالحين في مجالس المواعظ والدروس التي يلقيها العلماء الراشدون، فيختار من أهل العلم من يطمئن إلى دينه وعلمه فيجلس إليه ويستمع من مواعظه، كما يحرص على حضور الجمعة عند الخطباء الراشدين الذين ينتفع بحديثهم، ويتنوَّر قلبه بمواعظهم، فالعلماء والخطباء كثير، ولكن الراشد منهم قليل، لذلك فعلى المسلم أن يختار من يستمع منه وينتفع بحديثه، مصداقًا لقول الله عزَّ وجلّ: (فبشِّر عبادِ * الذين يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب)، فالله عزَّ وجلَّ يرشد العباد أن يستمعوا أحسن القول، وأقربه إلى قلوبهم ليكون له أثره المطلوب في تنوير القلب وتليينه.
4- مواساة الفقراء والمعوزين ولاسيَّما اليتامى منهم، فإنَّ الإحسان إلى المحرومين يكافئ الله عليه عبده بتليين قلبه، وتربية الرقة فيه، مصداقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم) رواه الطبراني وقال الألباني حديثٌ حسن، فمواساة المحرومين والفقراء يثيب الله عليها عبده بهذه الصفة الجليلة، ألا وهي تليين القلب وجعله خاضعًا خاشعًا لله تعالى.
5- المداومة على العمل الصالح باختلاف أنواعه وأصنافه، فلا ينقطع العبد عن العمل الصالح قدر استطاعته وحسب قدرته، لأنَّ الاستمرار في العمل الصالح والمداومة عليه تجعل العبد دائم الصلة بربِّه، وعلى علاقةٍ متينةٍ به سبحانه، وهذا ما نفهمه من قول الله عزَّ وجل: (ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقِّ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)، فالله عزَّ وجلَّ يُحذِّر المؤمنين من صنيع أهل الكتاب من قبلهم، الذين أعرضوا عن دينهم، وغفلوا عن العمل الصالح، وأقبلوا على الدنيا ومغرياتها وشهواتها، فطال عليهم الأمد.. أي بعدت بينهم وبين دينهم وعبادة ربهم المسافة فقست قلوبهم، فلذلك يأمر سبحانه عباده من أهل الإسلام أن يكونوا دائمًا خاشعين لله عزَّ وجلَّ، مُقبلين على عبادته، متمسِّكين بالعمل الصالح حتى لا تنقطع العلاقة بينهم وبين ربِّهم، وحتى لا يطول عليهم الأمد وينسوا كثيرًا ممَّا أُمِروا به.
6- تعهُّد النفس بالتوبة الدائمة من كلِّ ذنبٍ، فإنَّ الران الذي تصنعه المعاصي على القلب حتى تغلِّفه بسواد المعصية لا يُذيبه إلا سرعة التوبة والأوبة إلى الله عزَّ وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلو قلبه، وهو الرَّان الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)) رواه الترمذي وقال حسنٌ صحيح، فدوام التوبة الصادقة تجعل القلب في حياة دائمة، ولا تترك فرصةً للران - الذي يُورِث القلب القسوةَ - في أن يتكوَّن.
ثمَّ بعد هذا تلجأ إلى الدعاء، وتتضرَّع إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُليِّن قلبك، ويجعله خاشعًا لذكره سبحانه، ولاسيَّما أن تُكثر من الدعاء الذي علَّمنا إيَّاه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: (ما أصاب أحدٌ قط همٌّ ولا حزنٌ فقال:
اللهمَّ إنِّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب الله همَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلَّمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمها) رواه أحمد وصحَّحه الألباني، فلتُكثِر من هذا الدعاء في مختلف الأحوال، ولاسيَّما في أوقات الاستجابة.. كالسجود، وبين وقت الآذان والإقامة، وفي يوم الجمعة، وهكذا.
ولا شكَّ أنَّك إذا التزمت هذا المنهج فإنَّ الله عزَّ وجلَّ سيُحقِّق لك رغبتك، وينوِّر صدرك، ويلين قلبك، إذا كنت غير واقعٍ في مانعٍ من الموانع التي سبق وأن ذكرناها، فإنَّه سبحانه إذا وعد وفى، وقد قال: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا).
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشد بمنِّه وفضله.
طالع أيضاً :
في قلبي غلظة.. فكيف ألينه؟
محبة الله ومعصيته لا يجتمعان بقلب
كيف يحيي
العبد قلبه، ويتغلَّب على شيطانه؟
(ما هي القلوب البيضاء؟؟! )
ماهي الـقلوبـ البيضـاء ؟؟!
هي القلوب النقية الصافية التي لاتحمل غلاً وحقداً على المسلمين ..
فأين هم اصحاب تلك القلوب؟؟..
احبتي..
تريدون السعادة ؟؟
تريدون الراحة ؟؟
انسوا من اساء اليكم .. اعفوا عن من ظلمكم..
..•' قلـــ بيضاء ـــوب '•..
فلنكن مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أساء إليه أهل ثقيف..
وهم أشد الناس كرهاً للرسول رفع يديه إلى السماء وقال اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون..
قال تعالى (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا انك رؤوف رحيم)
هل دعوت بهذا الدعاء يوما؟؟
أي قلب نمتلكه عندما نذكر إساءة أحدهم لنا قبل عشرة أعوام ؟؟
لا نستطيع أن ننام لما نحمله على بعضنا من كره نتقلب على الفراش ونفكر كيف نرد الإساءة ؟!
..•' قلـــ بيضاء ـــوب '•..
يحكى أن شيخ الإسلام بن تيمة مات أحد ألد أعدائه..فأتى إليه ابن القيم يبشره بموت عدوه ..
فقال له هل تبشرني بهذا ؟رد عليه نعم.. قال كيف تبشرني بموت مسلم ؟؟
فذهب ابن تيميه يعزيهم بموت أبيهم فقال لهم:أنا لكم بمنزله أبيكم ..
الله أكبر.. قلب أبيض .. كاظم غيظه عافي عن الناس..
..•' قلـــ بيضاء ـــوب '•..
احبتي أزف اليكم هذا الحديث..
ترفع الأعمال إلى الله عز وجل كل اثنين وخميس.. ابشروا يغفر الله لكم اليوم ..
يغفرالله تعالى للكل رجل لايشرك بالله.. الا رجلين
هل تعرف من؟؟ قلوب بينهما شحناء لايغفر الله لهما.. يقول الله تعالى للملائكه انظرا هذين
حتى يصطلحا..
(أي لاتغفرا لهما إلا بعد أن يصطلحان)
انظرا هذان الاثنين ..
..•' قلـــ بيضاء ـــوب '•..
ضحك النبي يوما من الايام في مجلس فسأله عمر بأبي انت وامي يارسول الله مالذي
اضحكك قال رجلان من امتي جفيا(احدها ظالم والاخر مظلوم) عند الله جل وعلا .. فيقول
العبد يارب يارب يارب فيقول الله نعم ياعبد فيقول خذ من زلاتي وضعها عليه .. فيكشف
الله جزءا من الجنه لهذا المظلوم ويرى القصور والجنان.. فيقول المظلوم يالله لاي
نبي هذا ولاي شهيد هذا ؟فيقول الله عبدي هذا لمن اعطى حقه فيقول العبد اي حق
فيقول الله ان تعفو عن اخيكـ ..
..•' قلـــ بيضاء ـــوب '•..
ما أروعها من قلوب
القلوب البيضاء .. التي تسامح .. بل وتنسى الإساءة
ولا تذكر غير الحب والتعاطف
قلوب شفافة .. تلك التي تعفو عما ظلمها
رساله مني لك .. فلنبدا اليوم الصلح .. ان كنت هجرت اخ او صديق او قريب او ان في
قلبك شيء من الحقد عليه..اصفح عنه وكن افضل منه .. ابدأ بالسلام واعفو عنه ليعفو الله عنك ..
.. أسأل اللــه الـكـريـمـ أن نـكون جـمـيـعـا مـن أصـحـاب الـقـلـوب الـبـيـضـاء ..
ما صحة هذا الحديث؟
السؤال
[b]السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ضحك النبي يوما من الايام في مجلس فسأله عمر بأبي انت وامي يارسول الله مالذي
اضحكك قال رجلان من امتي جفيا(احدها ظالم والاخر مظلوم) عند الله جل وعلا..فيقول
العبد يارب يارب يارب فيقول الله نعم ياعبد فيقول خذ من زلاتي وضعها عليه..فيكشف
الله جزءا من الجنه لهذا المظلوم ويرى القصور والجنان ..فيقول المظلوم يالله لاي
نبي هذا ولاي شهيد هذا ؟فيقول الله عبدي هذا لمن اعطى حقه فيقول العبد اي حق
فيقول الله ان تعفو عن اخيك..
ماصحة هذا الحديث؟
وجزاك الله كل خير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
هذا حديث ضعيف .
قال الحافظ العراقي : أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والحاكم وقال : صحيح الإسناد ، وكذا أبو يعلى الموصلي خرجه بطوله ، وضعفه البخاري وابن حبان .
وقال الألباني : ضعيف جدا .
ثم هو مُخالِف للأحاديث التي جاء فيها النصّ على اقتصاص الْخَلْق بعضهم من بعض ، مثل حديث" المفلِس " ، وهو في صحيح مسلم ، ومثل قوله عليه الصلاة والسلام : من كانت لـه مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بِقَدْرِ مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فَحُمِلَ عليه . رواه البخاري .
وقوله عليه الصلاة والسلام : لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقَاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء . رواه مسلم .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
تأكد من مصدر قبل نشر بارك الله فيك
يغلق